بما ان العقل ليس دائما قصده اكتشاف الحقيقة او التمييز بين الخير والشر، بل في كثير من الاحيان يسعى لاكتشاف كل ما ينفع الانسان في الحياة ويضر خصمه. بمعنى اخر انه لا توجد اي حقيقة يبحث عنها الانسان، بل هو يبحث عن الوسيلة التي تساعده في الحياة ...إنه دائما يدعي بأنه يـُضحي من اجل الوصول الى الحقيقة. وهذا وهم يتوهمه الانسان بصورة لاارادية من اجل ان يتباهى بنفسه امام الاخرين او امام مهندس الكون ((الله)) كما يضن.

وهولايعلم انه يحب الحقيقة التي يدعيها فقط عندما تكون نافعة له، حيث بمجرد تحول هذه ((الحقيقة)) الى جانب خصمه حتى يبدأ يراوغ ويداور ويبحث عن الادلة التي تقلل من شان هذه الحقيقة وقد ينكرها تماما اذا عجز عن تفنيدها .

هناك بعض الامثلة التي تؤيد هذا الراي حول طبيعة الانسان وهي: مثلا عندما يحب الانسان شخص معين فإنه سوف يتحيز في تفكيره نحو هذا الشخص حيث سوف يبالغ في ذكر محاسنه ويغظ النظر عن مساوئه وهو يفعل عكس ذلك اذا كره شخص معين وهو لا يعلم أن كل شخص في هذا العالم له جانبان في شخصيته وتحدد طبيعة هذان الجانبان حسب الزاوية التي ينظر بها مراقب خارجي لهذا الشخص .
وهناك مثال اخر لطبيعة الانسان وهو انه اذا نشأ في مجتمع معين وظل قابع فيه فهو سوف يؤمن ايمان مطلق بصحة المعتقدات والتقاليد والقيم الموجودة في هذا المجتمع وهو يؤمن بان هذا المعتقدات خير ما يمكن ان يكون في هذه الدنيا كلها !!

إن هذه المعتقدات قد تكون(( سخيفة جدا )) ولكنها في نظره معقولة جدا وهو يتعجب ويتساءل لماذا لا يؤمن بها المخالفون مثلما يؤمن هو بها , ولا يدري ان المخالفين يتعجبون ويتساءلون مثله.

كذلك الباحث الذي يكون قابع في مختبره ليل نهار محاول اكتشاف شئ معين يبدوا لنا كان هذا الشخص منهمك من اجل البحث عن الحقيقة لذاتها لكنه في الواقع يبحث عن شئ ينفعه تجاه منافسيه او ينفع قومه تجاه أعدائهم .

اني اعتقد اننا اذا فهمنا هذه الطبيعة للعقل او الانسان فاننا سوف نتخلص من الكثير من المشاكل التي يعانيها المجتمع في جميع انحاء العالم حيث كل فئة تدعي ان الحق معها وان الله سوف يدخلها الجنة بسبب ايمانها بهذه الحقيقة وهم لا يعرفون ان الحقيقة متعددة الاوجه.


إرسال تعليق

 
Top