هذا المقال مكتوب بلغة بسيطة وسلسة يسهل فهمها من الجميع . هناك بعض المصطلحات العلمية التي تحتاج مزيد من المطالعة والمعرفة كتبتها لكم باللون الازرق، ستجدون لها في نهاية المقال (اضافات علمية) روابط تقودكم الى شروحات علمية لهذه المطصلحات وهذه المفاهيم ... أتمنى لكم افادة ممتعة !


 يشرح لنا ستفين هوكنج Stephen Hawking في كتابه تاريخ موجز للزمن الذي أصدره عام 1988 وكتابه تاريخ أكثر ايجازا للزمن الذي أصدره عام 2005 سيناريو خلق الكون بالانفجار الأعظم فيقول :

 في لحظة ما من الماضي (منذ نحو 13.7 بليون سنة) كانت المسافة بين المجرات تبعا للحسابات الرياضية تساوي صفرا. وبعبارة أخرى كان الكون محصورا في نقطة مفردة حجمها صفر، مثل كرة نصف قطرها صفر! ثم حدث ما نطلق عليه الانفجار الأعظم The bing bang ، وهذه كانت البداية.






 1. التمدد و التبرد:

  عندما كان حجم الكون مساويا للصفر كانت درجة حرارته وكذلك كثافته لا نهائية(تتجاوز كثافة وحرارة بلانك بمليارات المرات). وفور لحظة الانفجار، ومع تمدد الكون (بسرعة تزيد عن سرعة الضوء بمليار مليار مرة) بدأت درجة حرارته (كان على هيئة طاقة فقط) في الانخفاض. مما أدى الى تكثيف كمية من الطاقة مكونة من الجسيمات تحت الذرية. وفي درجات الحرارة الهائلة، كانت هذه الجسيمات تتحرك بسرعات مهولة، حتى أنها كانت تتغلب على أي تجاذب بينها. لكن مع انخفاض الحرارة، بطات سرعة الجسيمات وأحذت تنجذب إلى بعضها البعض، لتتجمع في جسيمات أكبر منها. لذلك تتوقف أنواع الجسيمات التي تكونت على درجة حرارة الكون التي تتناقص باستمرار، ومن ثم فإنها تعتمد على عمر الكون.


 2. مولد الجسيمات الأولية للمادة:

  في خلال ثانية واحدة من الانفجار الاعظم تمدد الكون بما يكفي لتنخفض درجة حرارته إلى نحو عشرة بلايين درجة مئوية، وهي درجة تفوق درجة مركز الشمس آلاف المرات وتساوي درجة حرارة انفجار قنبلة هيدروجينية. في تلك اللحظة كانت الجسيمات التي تكونت في الكون هي الفوتونات والكواركات والإليكترونات والنيوترونات مع جسيمات المضادة. وقد نتج عن تصادم هذه الجسيمات الأولية مع بعضها البعض ميلاد جسيمات عديدة أخرى كالبروتونات والنيوترونات.


 3. مولد نويات الذرة:

بعد لحظة الانفجار الاعظم بمائة ثانية، انخفضت درجة حرارة الكون إلى بليون درجة (وهي تعادل درجة حرارة قلب أكثر النجوم سخونة)، عندها قامت القوة النووية القوية (قوة جاذبة قصيرة المدى) بربط البروتونات والنيوترونات ببعضها مكونة أنوية الذرات، بعد أن كانت هذه الجسيمات في درجات الحرارة الاعلى ذات طاقة حركة عالية تجعلها تهرب من التصادم، وتجعلها حرة ومستقلة. في البداية تكونت أنوية ذرات الديوتيريوم Deuterium (الهيدروجين الثقيل) ، والتي تحتوي على بروتون واحد ونيوترون واحد . ثم اتحدت أنوية الديوتيريوم مع مزيد من البروتونات والنيوترونات، لتتكون أنوية الهيليوم التي تحتوي على بروتونين ونبيوترونين.


 4. مولد الذرات:

  بعد كل هذا الجيشان العظيم وبعد بضع ساعات من الانفجار الأعظم، توقف إنتاج نويات الهيليوم. ولمدة مليون سنة استمر الكون في التمدد والتبرد دون حدوث شيء آخر يذكر. وعندما انخفضت درجة الحرارة إلى ثلاث آلاف درجة، لم يعد للإلكترونات (سالبة الشحنة) والأنوية (موجبة الشحنة) طاقة حركة كافية للتغلب على قوى الجذب الكهرومغناطيسية بينها، فبدأت في التلاقي لتكوين الذرات. كذلك جذبت البروتونات التي بقيت منفردة الإليكترونات، فتكونت ذرات الهيدروجين (تتكون من بروتون واحد يدور حوله إليكترون واحد)، التي شكلت 75% من كتلة الكون الوليد. كما اجتذبت نويات الهيليوم (2 بروتون + 2 نيوترون) إليكترونين لتشكل ذرات الهيليوم التي تمثل 25% من كتلة الكون.


 5. مولد المجرات:

عندما بلغ عمر الكون مليار عام، أصبح حجمه أصغر قليلا من حجمه الحالي، وهبطت درجة حرارته الى قرابة درجة حرارته الحالية. وقتها كانت كثافة بعض المناطق تزيد بمقدار 1/ 100 الف عن كثافة باقي أجزاء الكون (أصبحت تسمى السحب الكونية أو الغبار الكوني أو السديم)، وأخذت هذه المناطق في التجمع (نتيجة لزيادة قوى الجاذبية فيها) فتزايدت كثافتها، كما أخذت في الدوران حول نفسها، وبذلك بدات المجرات في التشكل. وعند انقضاء قرابة 9 مليار عام على خلق الكون ولدت مجرتنا درب اللبانة milky way .


6. مولد الجيل الاول من النجوم:

  وبمرور الوقت، بدأ غاز الهيدروجين والهيليوم في المجرات في تكون تجمعات منفصلة على شكل سحب أخذت تتكثف بشدة تحت تأثير جاذبيتها. وعندما تقلصت هذه التجمعات تصادمت ذراتها ببعضها، فارتفعت درجة حرارتها وتزايد الضغط داخلها بالقدر الكافي لتبدأ تفاعلا نوويا اندماجيا يحول المزيد من ذرات الهيدروجين الى هيليوم مع اطلاق الطاقة الزائدة على هيئة حرارة وتوهج. وعندما تتوازن قوى الجاذبية داخل هذا الفرن النووي مع قوى التمدد الناشئة عن الحرارة الناتجة، يستقر النجم ويصبح نجما ناضجا Mature Star.


 7.تكوين العناصر الثقيلة:

 حصل وليام فولر William Fowler عالم الفيزياء النووية الأمريكي على جائزة نوبل في عام 1983 لوصفه كيفية تكوين العناصر الثقيلة عن طريق اندماج نويات ذرات الهيليوم داخل نجوم الجيل الاول. وقد أرجع فولر هذا الاندماج (بالرغم من قوى التنافر بين هذه النويات موجبة الشحنة) إلى الضغط الهائل داخل هذه النجوم. ويستمر الاندماج المتسلسل داخل نجوم الجيل الاول منتجا باقي عناصر الجدول الدوري. وتتوقف نواتج الاندماج النووي على كتلة النجم، فنجم كتلته 1 الى 3 مرات كتلة شمسنا يتوقف فيه الاندماج عند عنصر الكربون 12 ، ونجم تبلغ كتلته ضعف هذه الكتلة ينتج السليكون، ونجم أكبر من ذلك يستمر الاندماج النووي فيه حتى يتحول إلى كتلة من الحديد.


 8. مولد الجيل الثاني والثالث من النجوم:

  تنفجر بعض نجوم الجيل الاول التي تتجاوز كتلتها 24 ضعف كتلة شمسنا تسمى Supernova انفجارا كليا او جزئيا يظهر على هيئة وميض شديد اللمعان محدثا سحابة كونية هائلة، تسمى سحابة الجيل الثاني. وتختلف هذه السحابة عن السحابة الاولى التي اعقبت الانفجار الأعظم في انها تحتوي، بالاضافة الى الهيدروجين والهيليوم على بعض العناصر الثقيلة التي تكونت من الإندماجات النووية داخل النجم المنفجر. وكالسحابة الأولى، تتكثف مكونات السحابة الثانية مكونة الجيل الثاني من النجوم، ويتكرر نفس سيناريو الانفجار والتكثف لينشأ عنه الجيل الثالث من النجوم. وتعتبر شمسنا التي تكونت منذ حوالي 4.7 بلايين سنة إحدى نجوم الجيل الثاني أو الثالث. وعندما بردت بعض بقايا السحابة التي كونت الشمس (1/1000) من كتلة الشمس شكلت كواكب المجموعة الشمسية والتي منها كوكبنا الأرض.


 9. ثم ماذا بعد:

 يبلغ عمر نجمنا الشمس حوالي 4.7 بليون سنة ، ويقدر العلماء أن ما فيه من غاز الهيدروجين المنتج للطاقة سيستهلك خلال اربعة بلايين سنة أخرى. قبلها ستتمدد الشمس لتصبح نجما أحمر هائل (خافت الحرارة) يبتلع الكواكب القريبة منه، ومنها الأرض . وبعدها سينهار نجم الشمس على نفسه ليصبح قزما صغيرا لا يصدر حرارة ولا ضوءا ، وسيختفي من رقعة السماء 10. وفي النهاية هناك العديد من السيناريوهات لنهاية الكون، لكل منها أدلته التي لم يمكن الحسم بينها حتى الآن، وأهم هذه السيناريوهات:


  • سيظل الكون في تمدد إلى ما لانهاية.
  •  كما بدأ الكون بانفجار اعظم سينتهي بانسحاق أعظم.
  • سيأفل الكون وينكمش ويتلاشى تدريجيا وربما كان هذا هو الاحتمال الأرجح.



 انتهى عرض ستيفن هوكنج لأحداث الانفجار الكوني الاعظم، وإذا كان هناك بعض الثغرات والتساؤلات التي تحتاج لمزيد من التفسير، وكذلك إذا توصل العلم لبعض الاكتشافات التي قد تغير من تفاصيل الاحداث، فإن هناك ثلاث حقائق مهمة أثبتها العلم في سينارويو خلق الكون ، وهي : التمدد – التبرد – التطور. والحقيقة الأكبر من ذلك كما هوكنج : انه قد ثبت أن للكون بداية، ويبدو أن علينا أن نقر بأن له خالقا.


المصدر :

  •  كتاب كيف بدأ الخلق للدكتور عمرو شريف (انظر ترجمته على موقع ويكبيديا)
  • الكتاب متوفر في المكتبات العربية ، يمكن تحميل نسخة رقمية منه : من هـــــــنا

اضافات علمية :

إرسال تعليق

 
Top