كثيرة هي النظريات العلمية، وغريبة في بعض الأحيان اسماؤها ... نظرية الفوضى من بين النظريات العلمية التي أثارت فضولي وولدت لدي رغبة معرفية كبيرة لاكتشاف حقيقتها، وكل هذا كان بسبب غرابة اسمها – الفوضى - .
كانت رحلتي في البداية عبر قراءة مجموعة من المقالات التي تشرح نظرية الفوضى وبعضا من صفحات كتاب نظرية الفوضى :العلم اللامتوقع للكاتب – جيمس غليك -، مرورا بفيلم وثائقي – بالعربي عرض على قناة الجزيرة الوثائقية–  وانتهاءا بفيلم أكشن الذي يحمل اسم الفوضى.


·         تقديم
اهتم العلم على مر السنين بدراسة وتفسير السلوكيات المختلفة التي تتخذها الأشياء من وحولنا، لإيجاد العلاقة بين هذه الأشياء ومسبباتها.
ومن هذه النظريات نجد :
النظرية المعرفية التي تنص على أن الانسان كيان مفكر عكس الحيوان. فسلوكه يحكمه التفكير والمعرفة.
النظرية البنائية التي تقول علة أن المعارف التي يعرفها الانسان ليست معارف لحظية وإنما هي تراكمات لمعارف سابقة تضاف الى بعضها البعض في فترات مختلفة.
نظرية التوقع، والتي تفيد على أن كل فعل يؤدي / تتوقع له نتيجة.
وهكذا تعاقبت الكثير من النظريات التي تحاول تفسير العلاقة بين الاشياء ومسبباتها، حتى ظهرت نظرية الفوضى Chaos Theory  وهي من النظريات المثيرة جدا، التي انتشرت مؤخرا ولاقت اهتماما واسعا.
·         نظرية الفوضى Chaos Theory

تنص هذه النظرية على أن جميع الأمور التي نراها مختلطة وغير مترابطة قد تكون منظمة، وتسير حسب نسق محدد بعكس ما تبدو عليه.
فعندما تراقب حركات النحل أو سلوكه ستلحظ تلك الترددات العشوائية التي يمارسها دون نظام ظاهر. لكن ما كشفه العلم أن هذه الرقصات والحركات العشوائية هي لغة منظمة يتواصل بها أفراد خلية النحل وتدل على اتجاه ومكان الغذاء. فهذه الفوضى الظاهرة هي في الأصل تنظيم بديع في الحركة !
فالحركات التي تبدو عشوائية هي في الواقع تتبع مسارات غير خطية تتكرر وتتداخل بنسق معين غير متماثل تماما، ولكنه منظم جدا وكأنها تعود الى نقطة جذب محددة بعد أن تنطلق منها.
وتحاول نظرية الفوضى هذه الوصول إلى النظام الخفي غير الظاهر الذي يبدو عشوائيا في الظواهر و الأحداث و السلوكيات و الحركات... الخ ، وذلك من أجل وضع قواعد لدراسته والاستفادة من تطبيقاته.
إنَّ بعضَ الأمور التي لا تبدو مُهِمَّة، أو قد تكون تافهة لا تُثير اهتمامًا لدينا، فإنَّها تؤثر تأثيرًا بالغًا في جانبٍ آخر بعيد، لا نَدْري ربَّما أنَّه قد تأثَّر بتلك التوافه بنظرنا، وهذا ما توضحه نظرية تأثير الفراشة النَّاشِئة عن النظرية السابقة.


·         نظرية تأثير الفراشة Butterfly effect  

تنص هذه النظرية على أن رفة جناح الفراشة في مكان ما قد تـُـسبب إعصارا في مكان آخر من الأرض بعد عدة سنين.
قد يبدو الأمر مبالغ فيه كثيرا، لكنه منطقي جدا، فتيارات خفيفة تحت سطح البَحر على عُمق كبير أو انشقاق لا يُذكَر في قشرة الأرض هناك تُسبِّب فيضانات شديدة وكوارث، ككارثة التسونامي المعروفة، عبر انتقال الاهتزاز وتضاعُف حجمه، وتسلسُل انتقاله من مكان لآخر، فلا تعجَب إذا علمتَ أنَّ هناك نوعًا من الترابُط بين اهتزازِ التيارِ تَحت الماء، الذي قد ينشأ عن ذوبان الجليد في القُطب، أو حتى بسبب تَحرُّك أحد الأحجار في القاعِ، وبين سقوط منزلٍ على رأس أصحابِه في منطقة بعيدة عن مكان الحجر الساقط.

فأحداث صغيرة من شأنها أنْ تنتج كوارثَ كبيرةً غير متوقعة.

دعونا نطرح مثالا واقعي حتى تتضح الفكرة أكثر : هل تصدق بأن إطلاق منبه سيارتك قد يؤدي إلى انهيار أحدا الجبال ؟
نعم، فما يفعلُه البعضُ من إطلاق مُنبِّهات السيارات في داخل الأنفاق الجبليَّة هو خطأ جسيم يُؤدِّي إلى تصدُّع الجبل وانهياره، وما ذاك إلاَّ لأنَّ الصوت الصادرَ عن المنبِّه هو في الأصل عبارة عن مَوجات صوتيَّة تنتقل في جُزيئات الهواء، ثُمَّ في جوانب الأنفاق، وتَخترق الجدار؛ لتنتقلَ في ذرَّات الصخر المكونة للجبل؛ مما يُؤدي إلى تخلخُلها وتشقُّقها، ومِنْ ثَمَّ تصدع الجبل.

الأمر منطقيٌّ جدًّا، ولكنَّه بعيد المدى، فلا يتصدع الجبل فَوْرَ إطلاقك لمنبه الصوت، ولكن سنوات من تَكرار هذا الفعل كفيلة بإحداث الأثر، فكن على حذر.

·         كتاب نظرية الفوضى علم اللامتوقع :

هذا الكتاب من تأليف جيمس غليك. فبعد قراءته، فأكيد ستتغير نظرتك ورؤيتك للعالم وستختلف عن الطريقة التي اعتدت أن تراه فيها من قبل.

تحميل الكتاب بالعربي : من هنا


·         فيلم وثائقي عن نظرية الفوضى:
الفيلم الوثائقي مدبلج إلى العربية وقد عرض على قناة الجزيرة الوثائقية وهو يناقش ، لماذا نظرية الفوضى مقلقة ؟
نبذة عن الفيلم: كان الاعتقاد السائد قديما ، أن كل شيء يمكن التنبؤ به بالرياضيات. و كان هذا يعطي طمأنينة بأن العالم مكان معروف، يمكن السيطرة عليه، والتنبؤ به. لكن جاءت نظرية الفوضى لتزيل ذلك الاعتقاد، ولتستبدل الطمأنينة بالقلق من المجهول الذي لا يمكن توقعه.
كانت البداية بعالم الأرصاد "إدوارد لورينز". الذي كان يعمل على التنبؤ بحالة الطقس باستخدام بعض العمليات على حاسوبه عن طريق سلسلة حسابية معينة. في يوم من الأيام ، أراد اجراء عملية ما، فبدأ من منتصف السلسلة وليس من بدايتها - اختصارا للوقت - ففوجئ بتغيير كبير في النتيجة.
وبمراجعة العملية من أولها تبين له ان تغيير طفيف جدا ، أدى تراكمه في النهاية إلى تغيير ضخم في النتيجة . عرف هذا  بتأثير الفراشة  The Butterfly Effect
وكما قلنا آنفا : "لو أن فراشة في شرق الكرة الأرضية رفرفت بجناحها ، قد يؤدي ذلك لاحقا لحدوث عواصف في غرب الكرة الأرضية"
وكان هذا تمهيدا لنظرية الفوضى  Chaos Theory

·         فيلم الأكشن كايوس Chaos

الفيلم هو من نوع أفلام الجريمة والأكشن الذي بدأ بعملية سطو بنكية قام بها أربعة من الملثمين. وحتى لا أفسد عليكم تشويق الفيلم (بالنسبة للذين لم يشاهدوه) أكتفي بذكر علاقة الفيلم بنظرية الفوضى:

ارتبط اسم الفيلم بنظرية الفوضى لكون أن أحداث الفيلم كلها تبدو فوضوية وغير مترابطة، لتظهر في نهاية المطاف أنها ذات صلة ومرتبطة مع بعضها البعض ...  فرجة ممتعة !


سأحاول في الأيام القادمة كتابة مقال عن نظرية الفوضى في حياتنا العملية.
___________________
هل تريد أن تصلك آخر الاصدارات و الأخبار العلمية عبر بريدك الالكتروني ؟
 قم بتسجيل بريدك الالكتروني : اضغط هنا للتسجيل

إرسال تعليق

Afkari يقول... 3/6/19 01:58
أزال المؤلف هذا التعليق.
 
Top